المدونة

مقالات المدونة

الفرق بين الزّواج التّقليدي والزّواج الاختياري

بقلم صفاء عبد الحليم، طاقم مدونة صدفة

هناك أسئلة كثيرة تجوب في أفكارنا عما هو الأفضل والأنجح، هل هو الزواج التقليدي أم الزواج الاختياري، أي أن تختار شريك العمر بنفسك وربما بعد قصة حب طويلة أو أن تترك الاختيار إلى الأهل أو الوصي ليقوم بالدور عنك.

هناك أبحاث تشير بأنه لا يوجد علامات واضحة تثبت بأن الزواج التقليدي هو الأنجح والأفضل من الزواج الاختياري أو العكس، ولكن في حال الزواج الاختياري تكون أنت صاحب القرار.

في مقال اليوم أريد أن أشير إلى سلبيات الزواج التقليدي وحسناته ولكن قبل أن أخوض في التفاصيل أريد توضيح شيء مهم، وهو بأن العلاقة الزوجية ومدى نجاحها يعود إلى نسبة الاحترام والتفاهم والمصداقية في التعامل بين الشريكين. إن كنا نحن بأنفسنا من اختار الشريك أو إن تركنا أهلنا أو من هم أوصياء علينا أن يختاروا لنا.

منذ أن خلقنا في هذه الدنيا خلقنا مقيدين بعادات وتقاليد لها حسناتها وسيئاتها، وإحدى هذه السيئات هي الزواج التقليدي الذي يفرض علينا ارتداء الأقنعة الزائفة في بعض الأحيان إلى حين أن نتأقلم مع الواقع ونتعايش معه ونعتقد بأننا سعداء بحياتنا.

الفتاة التقليدية

دعونا نبدأ الحوار بسرد قصة عن تلك الفتاة التي تزوجت زواجا تقليديا، هي ليست بقصة فتاة واحدة بل هي تجسد أيضا قصص فتيات كثيرات.

هي فتاة جميلة لا تتعدى ربيعها السادس عشر. تزوجت من إبن عمها بناءً على قرار قد إتخذته العائلة يوم ولادتها. تلك الفتاة التي لازلت تلعب في الحارات وبين البساتين، لا تعلم ما يدور حولها ولا تستوعب لماذا ترتدي الثوب الأبيض أو إلى أين تذهب وما الذي سيحلُّ بها.

دخلت عش الزوجية وبيدها دميتها التي لا تفارقها حتى في سريرها، دميتها التي تشاطرها أحلامها الوردية والركض في البرية. شاركتها دميتها أحلامها التي لا تصل الى أبعد من تلك البساتين المُجاورة والجري وراء الفراشات. ما هو مستقبل تلك الطفلة التي فُرض قدرها عليها ورُسم لها مستقبلها. هذا ليس ذنبها وإنما ذنب الخوف الذي يتملك قلب أهلها من المجتمع. الخوف على شرف البنت، الشرف المربوط على عنقها، كلما ابتعدت عن طوع أهلها كلما اشتد تلك الرباط على عنقها ليخنقها.

خوف الأهل تسبب في أذى تلك الفتاة ودمر أحلامها الوردية ودفن قلبها من قبل أن يدقّ ولو لمرة لتشعر بطعم الحب. الزواج ليس بحد ذاته هو المشكلة الأساسية وإنما تكمن المشكلة في المسؤولية والولادة وتربية الأطفال. فكيف لطفلة أن تربي طفلاً وكيف لها أن تعلم بكيفية معاملة الزوج وتقرأ أفكاره من غير أن تتعلم الحروف الأساسية عن العلاقة الزوجية. تلك الفتاة التي استُبدلت طفولتها بالأمومة وتحولت دُميتها إلى طفل يحتاج إلى رعاية واهتمام.

المسؤولية لا تقع على الفتاة الصغيرة، فهي لا بد وأن تكون ضعيفة الشخصية، وليس لها أيّ رأي يُأخذ به بعين الاعتبار وتربت في بيت يعمُّ فيه القمع والسيطرة والتحكم، حيث الأب المُتصلب الرأي هو الآمر والناهي. أو من الممكن أن تكون الأم أيضاً قامت تسهيل بعملية الزواج في بعض الأحيان، لأن الأم نفسها مرت بنفس الحكاية ولم تستطع أن تفصل بين ما تشعر به وما يجب أن تشعر به.

هذه الفتاة فرض عليها الزواج، لأن لا رأي لها أو بالأحرى لا تعرف الاختيار، لذلك سيكون من الصعب عليها أن تختار أيّ شيء في حياتها، حتى إنها لا تستطيع أن تشكو من إنعدام السعادة والانسجام مع الشريك أو حتى إختيار اسم مولودها. فهي في الأصل لا تعرف ما هي السعادة وما هو الحب، فكيف لها أن تهبه إلى زوجها؟

هي تزوجت من ذلك الرجل لأنها مُسيرة وليست مُخيرة، فهي متأثرة بآراء من حولها من أهلها ومجتمعها. هي لا تعلم إن كانت سعيدة أم تعيسة، لا تعلم كيف تُرضي زوجها إذا غضب ولا تعرف كيف تشاركه سعادته الروحانية. وهكذا تزداد المشاكل. فالمشاكل موجودة منذ البداية، منذ أن رمت دميتها من حضنها لتكون في حضن رجل يختلف كل الاختلاف عن دميتها.

القصة لم تنتهي بعد، لأنها لم تنحصر على الفتيات صغار العمر فقط، بل منهم أيضا البالغات والراشدات اللواتي يخضعن لأمر الأهل والمجتمع. يا لتعاسة تلك المرأة التي لا تختار شريك عمرها بنفسها، لأن خسارتها كبيرة. خسرت أجمل إحساس بالكون، الإحساس بنبض القلب واللهفة عند لقاء الحبيب وتبادل الكلام من سحر العيون. رغم أن الكثيرين يقولون بأن الحب يأتي مع العشرة ولكن للأسف اتضح بأن هذا هراء لا يتناسب مع الواقع. الحب ما بعد الزواج يصبح مجرد عادة لا يمت إلى الإحساس والشعور بصلة وأنه كغيره من العادات التي نعيشها كل يوم مثل شرب القهوة أو السجائر– التي تصل بنا إلى مرحلة الإدمان عليها مع العلم بأننا نرفضها من داخلنا.

كما ذكرت أعلاه تعود نسبة نجاح الزواج إلى مفهوم واستيعاب الشريكين للحياة الزوجية من تضحيات وتنازلات والأهم الاحترام المتبادل ولعل وعسى يأتي الحب. نجاح الزواج ليس بالضرورة أن يكون مبنيا على الحب، لذلك نكتفي بالاحترام طالما هو موجود.

الفتاة التي اختارت شريك عمرها

أما عن الفتاة التي تتزوج عن حب فهي أكثر سعادة وتتلهف ليوم زفافها، وارتداء ثوبها الأبيض وحضور فارسها ليحملها إلى عش الزوجية. هذه الفتاة اختصرت أكثر من نصف الطريق مع الشريك.

النقاط الإيجابية في الزواج الاختياري تبدأ من إحساس، إنها تعيش دائما في عالمها الخاص بها وفي انسجام وتناغم بين أحلامها الوردية وواقعها السعيد. تنام وتصحى ببسمة تملأ وجهها وأفكار جميلة تبني لها بيتا في الجنة. هذا إحساس حُرمت منه تلك الفتاة التقليدية.

الفتاة العاشقة الولهانة رسمت مستقبلها مع شريك حياتها وقلبها ورفيق الدرب. توصّلا إلى الاتفاق على الكثير من المفاهيم والأسس للحياة الزوجية، فقد عرف كل منهم حقوقه وواجباته تجاه الآخر. فكل هذا لم تحصل عليه تلك الفتاة التقليدية.

الفتاة المتحضرة تكون ذات شخصية أوعى من التقليدية، هي تعلم كل العلم ما يحبه وما لا يحبه شريكها، تعرف كيف تجذبه إليها وتهتم به، هي تعرف كيف تتحدث معه لتخطف قلبه بسحر كلامها العذب النابع من القلب إلى القلب. الأسلوب الراقي في المعاملة هو السبب الأساسي الذي ساهم في إكمال مسيرتهم وكللها بالزواج. هي تقوم بكل شيء من اجله من أجل إرضائه وراحته ولا.

يغمض لها رمش إن كان غاضباً. هي الأم والبنت والأخت والحبيبة والصدر الحنون والأذن الصاغية. طالما هي سعيدة فحتما تستطيع إسعاد زوجها وحبيبها. ما أجمل أن نعيش تلك اللحظات قرب من نحب لنسعده لسعادتنا ونفرحه لفرحتنا، طبعاً والعكس صحيح في دور الرجل.

الحب هو أجمل وأسمى معاني الكلام والشعور، الكثيرون منا عاشوا الحب بكل معانيه من أحاسيس صافية وتضحيات متبادلة والأكثر لم يجدوه ولكن عاشوه للحظات أو سنوات بين الحلم واليقظة، عاشوه بأحلامهم ومخيلاتهم وساعدهم على البقاء والبعض مع الأسف لم يعرفوا دربه.

الأن وفي زمن التكنولوجيا يمكنك أن تجرب حباً من نوع أخر، تجربة فريدة النوع. تجربة الحب من خلف الشاشة.

سوف اتطرق لطرح موضوع الحب من خلف الشاشة بحسناته وسيئاته ومدى نجاحه أو فشله ولماذا هي تجربة فريدة النوع.

لقد إختلفت الآراء وجهات النظر حول تجربة الحب والعلاقات العاطفية من خلف الشاشة وعن مدى مصداقيتها ونجاحها.

المصداقية: كما كنت قد تحدثت في المقال السابق، بأنها تعود إلى الشخصين المعنيين في بناء العلاقة المتينة لكي تنجح وإلى نوعية التعامل بينهم، وليس لمواقع التواصل الاجتماعي بحد ذاتها. أما نجاح العلاقة واستمراريتها يتوقف على صدق الشخصين في مواقع التواصل الاجتماعي. يعود ذلك إلى الطريقة التي يقدّموا أنفسهم بها وبالانطباع الذي يحدثوه في بداية التواصل. أكرر للمرة الثانية على ما كنت قد تحدثت عنه سابقاً، إياكم والكذب. الصدق هو الأرض الصلبة لبناء أيّ علاقة.

النجاح: ليس بالضرورة أن كل علاقة عبر الانترنت محكوم عليها بالفشل أو بعدم استمراريتها، فالعديد من العلاقات العاطفية بدأت من خلف الشاشة وتكلّلت بالارتباط الرسمي. والكثير من العلاقات بدأت على أرض الواقع وانتهت بالفشل. أيّ علاقة كيفما نشأت فهي قابلة للنجاح أو الفشل. لذلك لا يجب إغلاق فكرة التجربة الجديدة والفريدة وتوسيع نطاق فرصتنا في إيجاد الحب وشريك العمر.

لماذا هي تجربة فريدة؟

لأنها وسيلة سهلة وجميلة ومريحة وغير مُكلفة لكلا الطرفين لذلك فهي مميزة وفريدة. الجميل في عالم الانترنت هو أنك لست مُلزما بأي شيء لا مكان ولا زمان ولا تكاليف ولا تضييع للوقت ولا زينة، عالم الإنترنت لا يُميز بين غني ولا فقير أيضاً. عندما تتعرفان على بعضكما ويستمر الحوار بينكما في ضمن الأدب والأخلاق والصدق، عندها يعجب الرجل بأفكارك وليس بفستانك ومكياجك وزينتك. الفتاة تعجب أيضا بعقلك وقلبك أيها الرجل لا بعضلاتك وسيارتك. لا أنفي أن الصور تلعب دوراً مهما للوهلة الأولى، لذا من الأفضل أن تكون صورة لكلّ من الطرفين. ولكن الصورة الأخلاقية من خلال الكلام والمعاملة والوعي الفكري هي الجزء الأساسي. الصورة الأخلاقية والفكرية تكون شيء مكمل إلى شخصيتك الحقيقية، هي المرآة التي تعكس نفسيتك وتربيتك وأخلاقك أما أن تنجح العلاقة وتستمر أو يُحكم عليها بالفشل.

في عالم التواصل الاجتماعي لا تُضيّع وقتك مع من لا ترغب به، لأنك تلتقي بمن تريد فقط عندما يناسبك الوقت وبدون ضغط المواصلات وزحمة الشوارع. تلتقيه وأنت في قمة الاستراحة في غرفتك وفي ملابسك الاعتيادية بدون أيّ تبرج في أفخم الملابس وأغلى العطر. لست ملزماً بترتيب أو تنظيف البيت لإستقباله، فكل ما تحتاج إليه هو زاوية صغيرة لتشعرك بأن العالم كبير وجميل من حولك ومع ذلك فهو ملكٌ لك وحدك ولست مُضطراً لأي نوع من الشكليات. ليس بالضرورة أن تلتقي في أوقات محددة أو أماكن محددة أو صرف المبالغ في المطاعم أو التجول في الشوارع. هذا لا يعني أن نبقى في البيت أو لا نختلط في مجتمعنا الواقعي، بالنهاية لا يُمكن أن نستغني عن واقعنا، وإنما المقصود حرية التصرف بأقل التكاليف من ناحية الوقت والمادة أقلها لغاية الإنتقال إلى المرحلة الثانية من العلاقة.

عالم الانترنت يسهل علينا التواصل والتفاهم بأقل خسارة، ولكن من المهم أيضاً ألا ننسى بأنه يجب علينا الحفاظ على أنفسنا من خلف الشاشة تماماً كما هو الوضع في الواقع. عالم الإنترنت عالم كبير ومليء بالمساوئ كما المحاسن. علينا أن نكون حذرين في التعامل مع من هم خلف الشاشة. أسلوب الخداع قد يحدث إن كان في عالم الانترنت أو في العالم الواقع. لكن لا تدعوا الخوف يتمكن من قلوبكم ويمنعكم من أن تخوضوا هذه التجربة الفريدة السهلة.