المدونة

مقالات المدونة

أخيراً هناك أمل في تحقيق حلمك

بقلم صفاء عبد الحليم، طاقم مدونة صدفة

كنت قد تحدثت في المقال السابق عن العالم الافتراضي ومدا كبره وما هي الفوائد الكبيرة التي يمكن أن نستفيد منها لو استخدمنا هذه الخدمة بصورة جيدة وصحيحة، تحدثت أيضاً عن كيفية استخدام التواصل الاجتماعي ومواقع الزواج في العالم العربي. ومن خلال الأبحاث التي ما زلتُ أعمل عليها، توصّلت إلى أنه هناك خوفٌ كبير يشغل الناس من عدم الثقة في البحث عن شريك العمر عبر التواصل الاجتماعي ومواقع الزواج. أتفهّم ردود فعل الناس التي تتواصل عبر الواقع الاجتماعية، وهذا يعود لأسباب عدة. أولاً لأن التواصل الاجتماعي يُعتبر شيئاً جديداً في البلاد العربية وليس كل الاعمار لديها المعرفة الكاملة حول هذا التطور الجديد، ثانياً لأنه يوجد خوف بين الناس عمّا يجري خلف الشاشة ومن مدى مصداقية التعامل بين بعضهم.

"إِنَّ الحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لهُ"

لذلك اخترت أن أطرح موضوع الثقة في هذا المقال وأيضا موضوع التعامل من خلف الشاشة. أريد أن أتحدث بشكل أعمق عن العلاقة بين الرجل والمرأة وكيف يُمكن أن يبنيا علاقة قوية متينة مبنيّة على الثقة من كلا الطرفان، حتى لو كانت هناك مسافات كبيرة بينهم وحتى لو التعارف بدء من خلف الشاشة.

الثقة هي الجزء الأساسي في أيّ علاقة، فالثقة لا تأتي من فراغ بل من الحديث الصادق والمشاعر المتبادلة والنية الصافية. لاكتساب الثقة بين الآخرين يجب أن نبدأ بأنفسنا أوّلا. علينا أن نكون واثقين بأنفسنا لكي نستطيع أن نوصل الثقة إلى من هم حولنا. أساس الثقة بالنفس هو الاحترام، احترامك لذاتك. كلما كان احترامك لذاتك أكبر كلما إزدادت ثقتك بنفسك أكثر. نحتاج إلى سنين لبناء وزرع الثقة في أنفسنا ومن ثم لزرعها عند الآخرين إن كانوا قريبون أو بعيدون كل البعد. ولكن سرعان ما نخسر الثقة في أنفسنا في حال فقدنا احترامنا لأنفسنا. العامل الأساسي في تدمير نفسك وإنتزاع الثقة منها هو الكذب. الكذب يتسبب بخراب وتدمير أشياء كثيرة جميلة في حياتنا وأهمها ثقتنا بأنفسنا ومن ثم خسارة من نحب وكل شيء في محيطنا. سنحتاج إلى سنين من عمرنا لإعادة بناء هذه الثقة، فبعد فقدانها ينتابنا الشعور بالخوف الذي يسيطر على تفكيرنا ويملئ عقولنا بأفكار سلبية، حيث تأثر علينا نفسياً وجسدياً. وهكذا تستمر الدّوامة إلى أجل غير مُسمى.

لكي تساعد نفسك على تعزيز ثقتك بنفسك وتتجنب الخوف، هناك بعض الإرشادات التي سوف تُحدث فرقاً كبيراً وشاسعاً في حياتك:

  • كون صريح مع نفسك، لأن الصدق أأمن طريقة للتعامل مع الآخرين وأقوى سلاح لنزع الخوف.
  • اختلط مع الآخرين الذين تسعد بوجودهم ورفقتهم بكل وضوح وعفوائيّة.
  • كن أنت في التعامل ولا تتقمّص أيّ شخصية ولا تكثر من المجاملات.
  • دع الابتسامة تغطي وجهك، إجعلها عادة يومية تمارسها يومياً بدون أيّ تصنع.
  • العب وافرح طالع أرسم أي شيء، لا تفسح مجال للأفكار السلبية أن تسيطر عليك.
  • تخلص من الأفكار السّلبية، وعوضّها بالأفكار الإيجابية، مثل ذكريات جميلة.
  • تجنب المقارنة بينك وبين الآخرين، هذا يسبّب الإزعاج النفسي، ويترك بعض الأثر الذي يأدّي إلى اليأس.
  • لا تلم نفسك على خطء أقدمت عليه، تقبله كدَرس من دروس الحياة وفكّر بطريقة صحيحة، لترى كيف تتصرف بطريقة أفضل في المرة القادمة.
  • تعرف على خطأك وإعترف به، ثم فكر في كيفية إصلاح الموقف بتعقل. مهم جداً أن تعرف بأن كل انسان يخطأ، ولكن الأهم هو الاستفادة من الخطأ ومحاولة تفاديه في المرة القادمة.
  • تقبل النقد ولا تغضب منه، قد يقودك في بعض الأحيان إلى التطور الذاتي. فتقبله بروح رياضية وصدر رحب.

هذه فقط بعض الارشادات لإكتساب الثقة بالنفس ولكن هذا ليس كل شيء، هناك الكثير من الخطوات يُمكنك اتباعها، ومن أهمها الإرادة والاستعداد للتغيير في حياتك وحياة من تحب وتخاف أن تخسرهم.

عندما تُثبّت الثقة في مكانها الصحيح يمكنك أن تبدأ ببناء علاقة قوية مع شريك العمر. فحتى لو لم يكن لدى الشريك الثقة الكاملة من ناحيتك، سوف تستطيع أن تعكس الصورة عنده، وأن تعلمه هو أيضا كيف يكون واثق النفس.

لبناء علاقة قوية ومتينة بين أيّ شخصين وكذلك الزوجين يجب البدء بالثقة، وكما ذكرت أعلاه الثقة تبدأ بالصدق. فعليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وأن البر يهدي إلى الجنة. فهذا هو الواجب علينا جميعاً، لأن الله سبحانه وتعال أمر بذلك وأوجب ذلك وهكذا الرسول عليه الصلاة والسلام.

الصدق هو أساس العلاقة المتينة بين الزوجين لعيشة سعيدة مليئة بالصراحة والاحترام المتبادل. قد يكون الأمر صعب في بداية العلاقة لأن الخوف التي ينتابنا يهز مشاعرنا بالصورة السلبية ويحجّر أفكارنا ويبثُّ فيها السّموم والتفكير المتشرد. ومع ذلك أنصح بالصدق والصراحة منذ البداية، لأنها ستسهل علينا الأمر في المستقبل. عدم الصراحة لا يؤدي إلى أيّ طريق سوى طريقاً مسدوداً ودمار علاقة قد كانت من الممكن أن تنجح لو بُنيت على الصراحة والثقة المتبادلة. الصراحة تساعد على أن يكون مناخ عش الزوجية مُفعما بالثقة والإخلاص والعلاقة المتينة، حيث السعادة والحياة الوردية.

الثقة بين أيّ شخصين يجب أن تكون في كل مكان وزمان، ليس فقط عندما نتزوج لكي نبدأ بصنع الثقة، لأن هذا يتطلب مجهودا أكبر لكي نصلح ما كُسر أو بُني على غش. لكن يُمكننا أن نكون صريحين منذ اللحظة الأولى التي قررنا فيها أن نتقرب لشخص يعنينا أو يروقنا. كن صريحا ولا تخف، ودع ثقتك بنفسك تتحدث عنك كما أنت بدون أي تردد أو مد وجزر. انطلق مثل الطائر الحر وعبر عما هو في داخلك وتقدم بخطوة ثابتة. إذا تقمصت شخصية غير شخصيتك، فالشخص الآخر سيعجب بالشخص الذي تقمصت وليس بك أنت وسُرعان ما يقع القناع لتتحول العلاقة إلى كابوس لن ينتهي. الكذب حبله قصير ولن يوصلك إلى مدا بعيد. فإياكم والكذب، لأنه يدمر الثقة بالنفس ويدمر عش الزوجية أو بداية أيّ علاقة أو يقتل صداقة دامت على مدا سنين. بالمختصر المفيد لا نحصد من الكذب إلاّ الخراب. فلنلتزم بما أوصانا به الله ورسوله الحبيب.

قديماً قالوا: الصّدق مطيةٌ لا تُهلك صاحبها وإن عَثرت به قليلاً والكذب مطيةٌ لا تُنجي صاحبها وإن جَرت به طويلاً.

النتيجة التي توصلت إليها من خلال البحث هي، أن في يومنا هذا الكثير منا يسعى إلى العلاقات عبر التواصل الاجتماعي ومواقع الزواج. الكثير من الناشطين على هذه المواقع التقوا بالحب والحبيب والكثير لم يصل إلى شيء. وكانت النتيجة عند من لم يصل إلى مبتغاه، هي إلقاء أصابع اللوم على الموقع الذي هو عضو فيه، ويتّهمهُ بالموقع الكاذب أو الزائف، ولكن في الحقيقة ليس الموقع من هو زائف، لأن الموقع في النهاية مجرد وسيلة تواصل، وليس بخطّابة تذهب إلى العريس/ العروس وتتحدث إليه/ اليها، فالموقع يعكس من أنت وما كتبت عن نفسك ويُوصل الطريقة التي قدمت نفسك بها من خلال تصرفاتك.

أريد توجيه رسالة إلى كل شخص يحاول أن يُبعد الغلط عن نفسه ويُلقي به على غيره أو على المواقع الاجتماعية وأقول له، أنظر إلى نفسك وحاول أن تُصلح نفسك وأن تكون صريح مع نفسك لكي تستطيع أن تتواصل مع الآخرين بكل احترام وشفافية. مازالت الدنيا بخير وهناك الملايين من الناس التي تبحث عمّا أنت تبحث عنه أيضاً. ضع ثقتك بنفسك وبالله.

أنظر بتأمُّل شديد إلى الصورة التي صنعتها لنفسك، وقبل أن تلوم غيرك حدّق بينك وبين نفسك في أفعالك وأعمالك وتصرفاتك. هناك الكثير من الأمور التي لا يتسع أن أشرحها هنا، ولكن أختصر الحديث بالقول بألاّ تثق بأحد بدرجة كبيرة وبسرعة، وإنما هب الثقة إلى من هم حولك وازرعها في كل مكان تتواجد فيه إن كان على أرض الواقع أو من خلف الشاشة. كن صادق مع نفسك وإحترم من حولك لكي يبادلونك نفس الاحترام. من خلال تصرفاتك الأخلاقية والصدق بالتعامل تفرض نفسك على الساحة وتفرض إحترام الغير لك حتى من خلف الشاشة، لان الاحترام ليس له مكان أو زمان.

أختم القول بأنه ما زال هناك أمل لتحقيق أحلامنا، كل ما علينا فعله هو التقدم بالخطوة الأولى والنظر إلى أنفسنا وفي أعماقنا وأن نبدأ بتصليحهم وإعادة بنائهم من جديد، إذا هناك ما هو يجب تغييره. الأنسان دائما في حالة تغيير، في كل مرة يلقي فيها نظرة الى نفسه من منظار جديد يرى الفرق في التغيير ويرى أيضا الحالة الجديدة التي تستدعي للتغيير. الأمل موجود ولكن يجب أن يعلو على أسُس متينة وصلبة. الصراحة أول حجرة لبناء الأمل ولتحقيق أحلامنا والصدق هو الأرض الصلبة التي تضع عليها أول حجر لبناء علاقة جميلة وردية.