المدونة

مقالات المدونة

العنوسة وأسبابها في البلاد العربية

بقلم صفاء عبد الحليم، طاقم مدونة صدفة

تعود أسباب ظاهرة العنوسة بنسبة عالية إلى أسباب كثيرة سوف يتم طرحها في هذا المقال. فأحد الأسباب الأساسية هي الحالة الاقتصادية، ولكن هذا ليس الحاجز بحد ذاته، إنما يوجد أسباب أخرى مهمة منها النفسية والخوف من الخوض في تجربة الزواج. وهناك أيضاً أسباب من الناحية الثقافية لعدم الإدراك والوعي الكافي عن أهمية الحياة الزوجية والعلاقة بين الزوجين لإكمال مسيرة الحياة، كما كنت قد ذكرت في المقال السابق عن "الزواج وفوائده"

ما هي العنوسة؟

تعريف كلمة العنوسة يختلف من بلد إلى آخر، ولكن المتفق عليه بالشكل العام هو مصطلح يُطلق على الإناث اللواتي تعدّين عمر الزواج المتعارف عليه من عمر الخامس عشر إلى أواخر العشرينيات أو متوسط الثلاثينيات. طبعاً العمر القابل للزواج يختلف من منطقة أو بلد إلى أخرى. بعد مرور العمر "الافتراضي للزواج" تبدأ الفتاة بدخول مرحلة فوبيا العنوسة والكوابيس المخيفة. فمصطلح العنوسة أصبح مؤلما ومخيفا على مسمع الفتيات والفتيان أيضا حيث يطلق عليهم مصطلح الكهولة. هؤلاء الشباب يجبرون على الاختيار بين العادات والتقاليد التي تفرض عليهم الزواج في عمر معين محصور بفترات زمنية وبين طموحاتهم ورغباتهم على الأغلب. لا أحد يرفض الزواج لمجرد الرفض، فلابدّ وأن هناك سببا ما جعلهم يرفضون أو يؤجلون فكرة الزواج إلى وقت لاحق.

بسبب عادة التكتم والحرص وعدم الحديث عن العنوسة التي تسبب الإحراج إلى البعض كان من الصعب التّوصل إلى أرقام دقيقة عن نسبة العنوسة في البلاد العربية، ولكن توصلت إلى الكثير من أسباب العنوسة عن طريق مصادر مختلفة في الجنس والسن والخبرات والحاجيات. وهكذا قمت بتجميع تلك المعلومات التي سوف أقدمها لكم بطريقة مُلخصة.

الأبحاث تشير بأن نسبة العنوسة في البلاد العربية عالية جداً وتعود إلى أسباب كثيرة تختلف من شخص إلى آخر ومن بلد إلى آخر. لا أريد الخوض في تفاصيل كل الأسباب وإنما أريد التحدث بالإجمال.

أسباب العنوسة

الأسباب متنوعة ومختلفة كما كنت قد ذكرت مسبقاً، لكن دعونا نأخذ مقتبسا عن بعض الحالات:

في الحالة الأولى هناك من تحدث عن مشكلة انتظار القطار وكيف أُجبر على الانتظار لكن الحظ لم يحالفه، فمرّ القطار وما زال على حافة الانتظار، وكان أغلب أفراد هذه الفئة من الفتيات. بطبيعة المجتمع العربي، البنت تنتظر العريس ولكن هذا لا يعني بأنه لا يوجد أيضا شبان انتظروا ولم يحالفهم الحظ.

ومن هذه الحالة تتبلور تساؤلات مختلفة مثل: لماذا لم يحالفك الحظ؟ وما هو الذي كنت أو ما زلت تنتظره؟ طبعا كانت الأجوبة مختلفة، ولكن ما أعجبني هو الجواب التالي: إنني أنتظر فتى أو فتاة أحلامي. من هو/هي...؟ لماذا أصلا تحلم أو تنتظر؟ لماذا لا تكون واقعيا وتبحث بدلاً من أن تنتظر، فالفرصة ما زالت بين يديك. جاء السؤال مثل الصاعقة عليهم وتبعه الجواب، أين أبحث؟

البحث ممكن أن يكون في أي زمان ومكان. هناك عالم جديد وهو عالم الانترنت والشبكة العنكبوتية ومواقع الزواج بكل اللغات ومن أكبرها المواقع العربية لأن هناك نسبة عالية من العنوسة في بلادنا. القطار لم يقطعك بعد لأنك سوف تلتقي بأناس كثيرين مثل حالتك في الوقت الحالي ومن عمرك وزمنك، فأنت لست وحيداً. لم يفتك قطار الزواج بعد، ولكن المتطلبات اختلفت لأن العمر والخبرة في الحياة أيضا اختلفت عن ذلك الزمن الذي كنت تنتظر فيه. فما عليك سوى أن توسع نطاق محيطك في البحث وتبتعد عن تلك الحافة، التي قد ترميك في الهاوية مع أول هبة ريح باردة خالية من المشاعر.

أما الحالة الثانية فكانت عن البطالة والمغالاة في المهور التي يعاني منها شريحة من الرجال وهي سبب أساسي في العنوسة عند النساء. الرجل لا يستطيع دفع مبالغ هائلة والفتاة تعاني من العنوسة كونها يجب أن تتزوج في عمر معين وبمهر معين، وهنا تنصدم بين ما تريد وما تُرغم عليه. هي تريد زوجا وبيتا، إنما العادات والتقاليد تفرض علها الالتزام بالشروط اللامنطقية (انتظري من سيدفع أكثر). وبناء على هذا الصراع النفسي يمر الزمن وتبدأ معاناة جديدة مع مرحلة العنوسة والخوف من عدم الإنجاب والقلق الملتصق بالأحلام التي ستتحول إلى كابوس وفوبيا العنوسة.

الهدف من الزواج هو الاستقرار قبل أي شيء، كوني ملكة قرارك ولا تتمسكي بأشياء قد تكون سببا في عنوستك أو في تأخير زواجك إلى سن يبدأ فيه عمر اليأس وربما الصعوبة في الإنجاب. لا أريد أن أخيفكنّ، ولكن لن أخفي عليكنّ بأن الزواج مشروع مهم جداً لكلا الجنسين وحالة يجب أن يعيشها كل إنسان على الأرض. العمر يمر والحياة قد تختفي بلمح البصر، فلماذا التأخير ووضع المعجزات لأنفسكم كعقبة لمرحلة مهمة وأساسية في الحياة وعلى كل امرِئٍ الخوض فيها.

في الحالة الثالثة كانت قصة ليست بغريبة وإنما القليلون يقومون بها. هي ليس بحالة انتظار أو بحالة اقتصادية بشكل مباشر وإنما هي حالة الجري وراء الحرية والسباق مع الزمن. هذه الفئة اختارت أن تأجل مرحلة الارتباط أو الزواج إلى أجل غير معروف. إما بسبب العمل أو الدراسة أو الخوف من أن يكون الزواج حاجزا لأحلامهم وطموحاتهم، من حيث أن الزواج يتطلب الوقت والمسؤولية. أغلب الناس من هذه الفئة هم متعلمون بمستوى عالي أو من أصحاب طموحات خيالية ودائما يتجهون إلى التطوير. ولكن في نهاية المطاف وبعد تحقيق الكثير من الأحلام يرجعون للواقع ويعترفون بأنهم ندموا لأنهم لم يتزوجوا في العمر المناسب لأحلامهم وطموحاتهم. منهم من يخجل اللقاء بأصدقائه لأن ليس هناك ما يشاركهم به عن الحياة العائلية وتربية الأولاد، فيذهبون للبحث عن شريك العمر مع تقديم الكثير من التنازلات التي كان من الممكن التمسك بها لو تزوجوا في عمر مناسب للزواج. اكتشفوا أنه رغم أهمية العلم والعمل في الحياة إلاّ أن هناك شيئا ينقصهم وهو البيت والسكينة والاستقرار.

هناك أيضاً أسباب أخرى خطيرة على المجتمع من كل النواحي مثل الزواج من أجنبيات أو هجرة الشباب من بلادهم، رغم أن البعض يعود لبلده ليتزوج من بنت البلد إلاّ وأن هناك ظاهرة تشير بأن طبيعة التفكير الجديد عند المغترب واكتسابه لعادات جديدة تخلق نوعا من الشطور بينه وبين بنت البلد. مما يجعل الشاب المغترب يفضل الزواج من فتاة من نفس مكان إقامته، لأنها أسهل للتعايش معه ومع طبيعة البلد، كونها تعرف ما هي متطلبات البلد من لغة وعادات وتقاليد. رغم تكدس هذه الأسباب إلا وأن هناك أملاً في أن تجد رفيق الدّرب لو وسّعت نطاق البحث، وأول عامل مساعد لك هو الانترنت ومواقع الزواج لأنك ستجد عالم مليئا بكل المواصفات والأعمار والمتطلبات التي حتما ستساعدك إلى الوصول إلى مبتغاك.