المدونة

مقالات المدونة

خواطر في الحب

بقلم أحد رواد المدونة

وما الحب إلا جنون...

أليس جنوناً أن تعشق الأرض الذي يمشي عليها محبوبك؟ أليس جنوناً أن تذوب في رائحة من تعشق؟ أليس جنوناً أن تعشق مكانا ما أو فترة من الزمان لمجرد أنها تربطك بذكرة جميلة مع من أحببت وربما ما زلت تحب؟ أليس جنونا أن تنتظر ساعات في الشمس الساطعة أو في البرد القارس لكي تحصل على نظرة من الحبيب؟ كل هذا أوليس جنوناً؟ نعم الحب جنون وجنونه أجمل ما فيه، عندما يقتحم حياتنا مثل الإعصار بدون سابق إنذار ليحرك فينا العواطف والأحاسيس. يدخل قلوبنا ليكتب ويمحي كما شاء من ذكريات وآلام ومع ذلك نحن به سعداء. الحب وصفه أحد المشاهير بأنه جحيم يطاق... ولكن الحياة بدونه جنة لا تطاق. كيف ممكن أن تعيش في مكان هو جحيمك وهو جنتك؟ ما هذه الازدواجية؟ يا للعجب ما هذا الشيء الجريء الذي يقتحم قلوبنا ليتسرب إلى كل قطرة دم في جسدنا ويتحكم بنا كما شاء. هو الذي يقرر متى يفرحنا ومتى يحزننا ومتى يضحكنا ومتى يبكينا. هو الذي يبدأ بنظرة من العين وينتهي بدمعة من العين، ولكنه لن يموت. الحب هو القدر، نعم القدر الذي كُتب لنا من قبل ولادتنا. الحب هو تماما مثل الوباء المعدي الذي ممكن أن يصيب أيّ كائن على وجه الأرض بدون استثناء، ومع ذلك بدونه يزول العالم ولن تستمر الحياة.

منذ أزمان بعيدة كان الشعراء يتغنون في الحب ووصفه ومازالت تلك الكلمات تترد في زمننا هذا بأوصاف جديدة وقديمة ولكن ما زال السؤال عن الحب يتردد في عقول وأفواه الناس عن المعنى الحقيقي للحب.

ربما قرأنا وسمعنا من السابقين عن الحب وجمال الشعور وروعة الحياة فيه، ولكن هناك أيضا أوجه معتمة له، حيث من الصعب جداً أن ترى فيها أصابعك من بعضها البعض، فعتمته حالكة. هذا هون الحب ذو وجهين. فالحب ليس اسمه وحده الحب، وإنما اسمه يخفي في ثناياه أسماء أخرى متعددة، كما كنت تحدثت في البداية، إنه الجنة والنعيم وأيضا الجحيم في آن واحد، هو شَهد الحياة وسمُّها. هو من يجعل أحلامك حقيقة خيالية مع أنك تعيشها في الواقع. سوف أكتب اليوم عن الحب من وجهت نظري ومدى مفهومي له على حسب ما قرأت وسمعت وحتى شاهدت في الأفلام الغرامية والرومانسية، هذا ليس له علاقة بتجربة الآخرين.

في نظري الحب ليس فقط الشعور المربوط بين رجل وامرأة وإنما هو بين أي روحين يتم بينهن الانسجام والتناغم. قد يكون حب الأب لابنته أو العكس أو الطفل لأمه. رغم أننا نحب أهلنا والعكس إلا أن هذا النوع من الحب يختلف عن حب نصفك الآخر. هذا الحب يدعى بالحب الفطري ولكن الحب الروحاني له معاني وتفسيرات كثيرة ولكن المعترف فيه هو ذلك الإحساس الي ينتابك عندما ترى أو تسمع الشخص الذي روحك تطلب وصاله، تسمع دقات قلبك وهو يخفق بسرعة وترتجف يداك وينخفض صوتك. وأيضا عندما تفارقه ينتابك الحزن والارتعاش والقشعريرة والبكاء ساعات إلى حين أن تنتهي كل قواك ومن ثم تصمت وتخلد إلى النوم.

الحب الوجداني هو مبني على علاقة قلبيين تعلّقا ببعضهما من غير معاد أو لقاء مسبق. تلك هي اللحظة التي تنزل فيها السهام على القلوب لترسخ بتحكم إلى أجل غير مسمى. فالحب له مغناطيسية عالية تجذب القلوب إلى بعضها البعض إن شئت أم أبيت. الحب هو خليط من الأحاسيس ليصبح شعورا معقدا، وهو أقوى العواطف لأن لديه تركيبة من العواطف ممزوجة بكل ما يسمى من إحساس وعاطفة، لذلك نجد صعوبة عالية ومتعقدة لتفسير هذا الشعور. أجمل ما في الحب هو أن تعيش لحظاته مع كل نبض قلب وتنعزل عن الناس وتعيش في عالمك الوردي لكي تجلس مع نفسك وتتحدث معها لتتواصل مع الحبيب عبر الروح والوجدان.

يا رب لا تحرم قلب من طعم الحب ونعيم لذته ولا تكسره ليصبح مثل عصفور مكسور الأجنحة. رغم جمال الحب إلا وأن هناك معاناة تصحبه مثل خياله على الرغم من أن لا خيال له بل له لحظات ودقائق وساعات وأيام وسنين تمر علينا وتحفر في قلوبنا تلك الذكريات بكل حالاتها.