المدونة

مقالات المدونة

الحبيب الأول

بقلم أحد رواد المدونة

هناك آراء مختلفة حول الحب وإلى من ينتسب. فالبعض يرى أن الحب يعود للحبيب الأول فقط، أما البعض الآخر يرى عكس ذلك. اختلاف الآراء كان واضحاً بين شعراء العرب فورد ذلك في شعرهم.

يقول أبو تمام:

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى.... ما الحب إلا للحبيب الأول.
كم منزلا في الأرض يألفه الفتى... وحنينه أبداً لأول منزل.

أما العلوي الأصبهاني فيقول:

دع حب أول من كلفت بحبه.... ما الحب إلا للحبيب الآخر.
ما قد تولى لا ارتجاع لطيبه... هل غائب اللذات مثل الحاضر.

أحببت أن أناقش معكم موضوع الحب ولمن ينتسب، من خلال تجربة شخصية. كل منا مر بتجربة حب أو أكثر، ولكن ما الفرق بينهما وهل يعيش الإنسان نفس الشعور والإحساس عبر هذه التجارب؟

لاحظنا أن لكل شاعر نظرته الخاصة في الحب. ربما قال كل شاعر نظرته حسب تجربته والحب الأقرب إلى قلبه؟ كل ما أعلمه هو أنه لا قواعد في الحب، لا توجد قواعد للبداية والنهاية. بالنسبة لي لا أستطيع أن أجزم أيُّ شاعرٍ هو أصح في كلامه. فمعنى الحب في رأيي أنك تجد الحب عند المحب نفسه من خلال المشاعر التي يحملها تجاهك فالتبادل والتواصل في الحب هو أساس استمراره.

عندما وقعت في الحب لأول مرة كنت في السابعة عشر من عمري. كنت لا أعرف شيئا عن الحب سوى ما شاهدته في الأفلام والمسلسلات. كان الحب الأول زميلي في الدراسة ولكن لم يشهد هذا الحب طريق النور. تأثرت كثيراً في ذلك الحين. كنت على يقين بأنه الحب الحقيقي وأني لا أستطيع حب شخص آخر كما أحببته. احتفظت بحبه بقلبي سراً لسنوات. كل مرة يُذكر اسمه فيها، أشعر كـأن دقات قلبي تكاد أن تخرج من صدري. ولكن... لا يُعرف المعنى الحقيقي للأشياء، إلا بعد تجربة غيرها...

هذا بالضبط ما شعرت به بعد أن تعرفت على شخص بالصدفة على الموقع. شيئاً فشيئاً أصبح يأخذ هذا الشخص مكاناً أكبر في قلبي، حتى أني نسيت كل ما كنت أشعر به مسبقاً. أحسست كأنني أعشق للمرة الأولى. نعم... ربما هذا ما كان المقصود من الحبيب الأول. الحب الأول لا ينتسب لأول شخص تشعر ببعض المشاعر نحوه وإنما أول شخص تحبه بقلبك وعقلك معاً أي الحب الناضج. لا يأخذ الله منك شيئاً إلا وعوضك بأفضل منه. قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" سورة البقرة: الآية 216.

قد عرفت المعنى الأصح للحب. ما زلت أشعر برجفة يدي حين أره، وخفقان قلبي عند محادثه عبر الهاتف. اخترته بعد أن اقتنعت بشخصيته وطريقة تفكيره. كان اختيار قلبي موثقاً بقبول من عقلي، فعاش كلا منهما بسعادة وسلام. لا يوجد في الحب قواعد.