المدونة

مقالات المدونة

لو خُليت... قُلبت

بقلم أحد رواد المدونة

بعد الانتهاء من إحتفالات التخرج والخروج مع الصديقات للتسوق والتمتع بالحرية بدأ الملل يتسلل إلى حياتي وتكللت محاولات الحصول على وظيفة بالفشل. كانت رغبتي بعمل شئ جديد يقتل الروتين او ربما معرفة أشخاص جدد هو سبب اندفاعي ألاول للبحث عن عمل فبدأت أفتش في الجرائد وعند المعارف وأكيد في الإنترنت ومن هنا تبدأ الحكاية.

أعجبتني الفكرة كثيراً ولكنني كنت مترددة بنفس الوقت. شعرت بأن في داخلي شخصان كلا منهما يحاول إقناع الآخر بوجهة نظره. فكيف أنجذب لهذا الشئ على الرغم من كوني من المعارضين لة وبشدة. فلما لا وما الخطأ في ذلك؟ فأنا لم أخرج عن نطاق ديننا أو تقاليدنا فصدق المثل حين قال إحترم تحترم فبأمكاني وضع حدود وشروط لاتخرج عن عاداتي. ومع اخذٌ وعطاء بين فينة واخرى إلى أن تمكنت الفكرة مني. في أحد الايام بعد أن تمكن التعب واليأس مني... وأخذ مني مااخذه... لمحتُ إحدى مواقع التعارف والزواج فبدا لي مشوق كثيراً. قرأت بعض من الملفات وشاهدت عدداً كبيراً من صور الأعضاء ولكني لم أجرؤ من إنشاء حساب لي. نزاع نشئ في داخلي وإستمر لأيام الجدال واذ بي أتخذ قرارأ بإنشاء حساب جديد لإكتشاف عالم جديد ربما يغير بعض أفكاري عن الإنترنيت كما في قوله سبحانه وتعالى في سورة البقرة (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة 216

بدأت رحلتي في البحث بين الآلاف من الملفات فبعض منها اضحكني ومنها ما شد انتباهي وآخر تركت كتابته أثراً في نفسي. بدأت أستلم رسائل من الأعضاء الراغبين بالتعرف، في بادئ الأمر ولكن لم أتجرأ على الرد. كنت أكتفي بالقراءة فقط. لم يستمر الأمر كثيرأ على ذلك النحو حتى بدأت بالرد وأصبحت أنا من أقوم بالخطوى الأولى. شيئاً فشيئاً أصحبت ألاحظ تغيرياً في شخصيتي وكأني تمكنت من الخجل القاتل في داخلي فأصبحت أعرف ما أريد وعن من أبحث. تعرفت على الكثير ولن أنكر فمنهم من يلقب بوحوش الإنترنت لطمعهم وجهلهم ولنواياهم السيئة ولكن لو خُليت... قُلبت فهنالك الكثير ممن يرغبون بالتواصل والتعارف ضمن أطر راقية.

بينما كنت أقلب بصفحات الموقع وإذا بصورة لشاب وسيم جداً. نقرت على ملفة وبدأت بقراءة ماكتبة في خانة نبذة عن نفسك وأوصف الشخص الذي تبحث عنة. عجبني كثيراً ماكتب فبدا لي مثقفاً و واعياُ فاهماً للحياة وجدت الكثير من الخصال المشتركة بيننا. لم انتظر الفارس على الحصان الأبيض أن يكتب لي فربما لم يلاحظ ملفي من بين المئات. أعجبني بشدة فشعرت بخفقان قلبي وتوترعند كتابة الرسالة. أصحبت أدمن الإنترنت وأنتظر رسائله بفارغ الصبر. كنت أطير سعادة في الحديث معه.

لا أريد ان أطيل الحديث عليكم. تطور الكلام بيننا وأكتشفنا الكثير عن بعضنا حتى تأكد كل منا أن من الصعب الإستغناء عن الآخر. ومن هنا بدأت معركتنا معاً.

لم أعد أجيد التفكير فهلك عقلي من ماذا لو؟ وماذا عن؟... أصبحت ساعات الليل طويلة وأغلبية النهار غارقة في مخيلتي. من الصعب جداً أن أتوقع كيف تكون ردة فعل عائلتي والأصعب منها المجازفة. كنت أنهار بمجرد التفكير بأن هناك إحتمال أن أخسره. لم أعد أطيق تكملة حياتي بهذا الشكل فقررت أن أبدأ بمصارحة والدتي. فالام مهما كان تشعر بأبنتها وتقف بجانبها. والدي متمسك كثيراً بالتقاليد ومن المستحيل تقبل كهذه الفكرة.

عشت أيام أشبه بالجحيم فكان لابد أن أختار بين الأثنين. كيف يمكنني هذا؟ ومن أختار؟ والدي أم هو؟ في الفترة نفسها تقدم لي أكثر من شخص لكنني أصررت على الرفض بالرغم من الضغوظ فكنت أواسي نفسي بأن النهار يخلف الليل فهذا وعد من أصدق القائلين أن العسر بعده يسر. فلا يضيق الأمر ويشتد الكرب الا ويتبعه يسر.

رغم شدة بأس والدي وصعوبة إقناعه الا أني أعرف كيف يمكنني التأثير عليه وكيف لي أن أجعله ينظر للموضوع من زوايا أخرى فحاولت إستدراج والدتي وإخوتي فكلمة من هذا وكلمة من ذاك يمكن أن يغير شئ. أعتقدت في لحظة ما أن بأمكاني تغير الكثير فخاب ظني.

لم أتمكن في الآونة الآخيرة من التواصل معه فأصبحت مقيدة من كل مكان. اتسحت لي فرصة الإتصال به من جوال أختي. أتصلت به واخبرته بما حصل كنت منهارة وتكلمت بسرعة من شدة خوفي. وعدني بأن لااقلق وأن أدع الموضوع له.

بكل شجاعة وجرأة أخذ زمام الامور بين يديه وتوجه للحديث مع والدي. لحد الآن لا أعرف ما دار بينهما ولكن كل ما أعرفه أنه كما عهدته حكيم بتصرفاته لبق بكلامه يجيد مسك أعصابه عند اللزوم. قد سحر والدي كما سحرني...